الخميس، 10 أبريل 2014

القسم العاشر: الكفالة

الفصل 1117
الكفالة عقد بمقتضاه يلتزم شخص للدائن بأداء التزام المدين، إذا لم يؤده هذا الأخير نفسه.
الفصل 1118
من كلف شخصا بأن يداين أحدا من الغير، متعهدا بالمسؤولية عنه، ضمن، بصفته كفيلا، الالتزامات المعقودة من هذا الغير، في حدود المبلغ الذي يعينه.
فإن لم يعين الكفيل حدا لما يضمنه، فإنه لا يسأل إلا في حدود المبلغ الذي يبدو معقولا، مع مراعاة الشخص الذي منحت له الكفالة.
يسوغ الرجوع عن التكليف السابق، مادام الشخص المكلف لم يبدأ بتنفيذه ولا يمكن إثبات التكليف إلا بالكتابة.
الفصل 1119
لا يجوز لأحد أن يكفل دينا، ما لم يكن متمتعا بأهلية التفويت على سبيل التبرع.
لا تجوز الكفالة من القاصر ولو أذن له أبوه أو وصيه، إذا لم تكن له أي مصلحة في موضوع الكفالة.
الفصل 1120
لا يجوز أن تقوم الكفالة إلا إذا وردت على التزام صحيح.
الفصل 1121
تجوز كفالة الالتزام المحتمل (كضمان الالتزام الذي قد ينشأ بسبب الاستحقاق) أو المستقبل أو غير المحدد، بشرط أن يكون قابلا للتحديد فيما بعد (كالمبلغ الذي يمكن أن يحكم به على شخص معين)، وفي هذه الحالة يتحدد التزام الكفيل بالتزام المدين الأصلي.
الفصل 1122
لا يجوز كفالة الالتزام الذي لا يستطيع الكفيل أن يحل محل المدين الأصلي في أدائه كالعقوبة البدنية.
يجب أن يكون التزام الكفيل صريحا، والكفالة لا تفترض.
الفصل 1124
التعهد بكفالة شخص معين لا يعتبر كفالة، ولكن يحق لمن حصل له هذا التعهد أن يطلب تنفيذه، فإن لم ينفذ كان له الحق في التعويض.
الفصل 1125
لا ضرورة لقبول الكفالة صراحة من الدائن، غير أنها لا يمكن أن تعطى برغم إرادته.
الفصل 1126
يمكن كفالة الالتزام بغير علم المدين الأصلي ولو بغير إرادته. غير أن الكفالة التي تقدم برغم الاعتراض الصريح من المدين، لا يترتب عنها أي علاقة قانونية بين هذا الأخير وبين الكفيل، وإنما يكون ملتزما في مواجهة الدائن فقط.
الفصل 1127
لا تجوز كفالة المدين الأصلي فحسب، بل تجوز أيضا كفالة من كفل هذا المدين.
الفصل 1128
لا يصح أن تتجاوز الكفالة ما هو مستحق على المدين، إلا فيما يتعلق بالأجل.
الفصل 1129
يصح أن تكون الكفالة لأجل، بمعنى أن تبرم لوقت معلوم، أو ابتداء من تاريخ محدد، ويسوغ أن تعقد ضمانا لجزء من الدين دون باقيه، وبشرط أخف من شروطه.
الفصل 1130
إذا لم تكن الكفالة قد حددت صراحة بمبلغ معلوم، أو بجزء معين من الالتزام المضمون، فإن الكفيل يضمن أيضا التعويضات والمصروفات التي يتحمل بها المدين الأصلي بسبب عدم تنفيذ الالتزام.
ولا يضمن الكفيل الالتزامات الجديدة التي يعقدها المدين الأصلي بعد قيام الالتزام الذي ضمنه.
غير أنه إذا ضمن الكفيل صراحة تنفيذ جميع الالتزامات التي يتحمل بها المدين، بمقتضى عقد معين، فإنه يكون مسؤولا عن كل الالتزامات التي يسأل عنها هذا المدين نفسه بمقتضى هذا العقد.
الفصل 1131
من أسس الكفالة أن تعقد بغير أجر، وكل شرط يقضي بإعطاء الكفيل أجرا عن كفالته يقع باطلا. ويترتب عليه بطلان الكفالة نفسها.
ويستثنى من هذه القاعدة الكفالة التي تعقد بين التجار لأغراض التجارة، إذا سمح العرف بإعطاء أجر عنها.
الفصل 1132
إذا قبل الدائن، بمقتضى العقد، كفيلا معينا، ثم أعسر هذا الكفيل وجب أن يعطى كفيلا آخر، أو ضمانة معادلة وإلا ساغ للدائن أن يطلب وفاء دينه فورا، أو أن يطلب فسخ العقد الذي أبرمه تحت شرط تقديم الكفيل.
فإذا نقص ملاء الكفيل فقط وجب تقديم كفالة إضافية أو ضمانة تكميلية.
 ولا تسري هذه الأحكام:
أولا: إذا كانت الكفالة قد عقدت بغير علم المدين أو برغم اعتراضه؛
ثانيا: إذا كانت الكفالة قد قدمت تنفيذا لاتفاق اشترط فيه الدائن تقديم شخص معين للكفالة.

الفصل 1133
الكفالة لا تقتضي التضامن، ما لم يشترط صراحة.
وفي هذه الحالة الأخيرة، وفي الحالة التي تعتبر الكفالة فيها فعلا تجاريا بالنسبة إلى الكفيل، تخضع آثار الكفالة للقواعد المتعلقة بالتضامن بين المدينين.
الفصل 1134
لا يحق للدائن الرجوع على الكفيل إلا إذا كان المدين في حالة مَطْـل في تنفيذ التزامه.
الفصل 1135
غير أنه:
أولا: إذا مات الكفيل قبل حلول الأجل، حق للدائن الرجوع فورا على تركته، دون ضرورة لانتظار حلوله. وإذا دفع الورثة الدين في هذه الحالة كان لهم أن يرجعوا على المدين، عند حلول أجل الالتزام الأصلي؛
ثانيا: إشهار إفلاس[1] الكفيل يترتب عليه حلول أجل الدين بالنسبة إليه، حتى قبل حلول أجل الالتزام الأصلي. وللدائن، في هذه الحالة أن يتقدم بدينه في تفليسة الكفيل؛
ثالثا: وفاة المدين تؤدي إلى حلول أجل الدين بالنسبة إلى تركته[2] ولكن لا يسوغ للدائن مطالبة الكفيل، قبل حلول الأجل المتفق عليه.
الفصل 1136
للكفيل الحق في أن يطلب من الدائن أن يقوم أولا بتجريد المدين من أمواله المنقولة والعقارية، بشرط أن تكون قابلة للتنفيذ عليها، وأن توجد في المغرب وأن يقوم بإرشاده إليها.
وعندئذ، تتوقف مطالبة الكفيل إلى أن تجرد أموال المدين الأصلي بدون إخلال بحق الدائن في اتخاذ ما عساه أن يؤذن له به من الإجراءات التحفظية ضد الكفيل. وإذا كان للدائن حق الرهن الحيازي أو حق الحبس على منقول مملوك للمدين، وجب عليه أن يستوفي دينه منه، ما لم يكن مخصصا لضمان ديون أخرى على المدين حالة كونه غير كاف للوفاء بها جميعها.


الفصل 1137
ليس للكفيل طلب تجريد المدين الأصلي من أمواله:
أولا: إذا كان قد تنازل صراحة عن التمسك بالدفع بالتجريد، وعلى الخصوص إذا كان قد التزم متضامنا مع المدين الأصلي؛
ثانيا: إذا صعبت إلى حد كبير مطالبة المدين الأصلي واتخاذ إجراءات التنفيذ عليه، نتيجة تحويل محل إقامته أو موطنه أو مركز صناعته بعد قيام الالتزام؛
ثالثا: إذا كان المدين الأصلي في حالة إعسار بين أو إفلاس وقع إشهاره[3]؛
رابعا: إذا كانت الأموال التي يمكن تجريد المدين منها متنازعا عليها أو مثقلة برهون رسمية تستغرق جزءا كبيرا من قيمتها، أو كان من الواضح أنها ليست كافية للوفاء بكل حق الدائن، أو لم يكن للمدين عليها إلا حق قابل للفسخ.
الفصل 1138
إذا كفل عدة أشخاص بعقد واحد نفس الدين، لم يلتزم كل منهم إلا بقدر حصته منه. ولا يقوم التضامن بين الكفلاء إلا إذا اشترط، أو إذا كانت الكفالة قد أبرمت من كل كفيل على انفراد من أجل الدين كله، أو إذا كانت تعتبر فعلا تجاريا بالنسبة إلى الكفلاء.
الفصل 1139
لا يلتزم كفيل الكفيل إزاء الدائن إلا عند إعسار المدين الأصلي، والكفلاء جميعا، أو إذا كان الكفيل قد تحلل من الكفالة نتيجة تمسكه بدفوع شخصية محضة خاصة به.
الفصل 1140
للكفيل أن يتمسك، في مواجهة الدائن، بكل دفوع المدين الأصلي، سواء كانت شخصية له أو متعلقة بالدين المضمون، ومن بينها الدفوع التي تؤسس على نقص أهلية المدين الأصلي. وله أن يتمسك بهذه الدفوع، ولو برغم اعتراض المدين أو تنازله عنها، كما أنه يمكنه أن يحتج بالدفوع التي هي خاصة بشخص المدين الأصلي كالإبراء من الدين الحاصل له شخصيا.
الفصل 1141
للكفيل مقاضاة المدين الأصلي للحصول على إبراء ذمته من التزامه:
أولا: إذا وقعت عليه الدعوى قضاء من أجل الوفاء بالدين أو حتى قبل أن توجه إليه أي مطالبة، إذا كان المدين في حالة مَطْـل في تنفيذ الالتزام؛
ثانيا: إذا كان المدين قد التزم بأن يقدم للكفيل إبراء ذمته من الدائن خلال أجل محدد، ثم حل هذا الأجل. وإذا لم يتمكن المدين من تقديم إبراء الذمة من طرف الدائن، وجب عليه أن يدفع الدين أو أن يعطي الكفيل رهنا أو ضمانة أخرى كافية؛
ثالثا: إذا صعبت مطالبة المدين إلى حد كبير، نتيجة تحويل محل إقامته أو موطنه أو مركز صناعته.
وليس للكفيل الذي يوجد في إحدى الحالات المنصوص عليها في الفصل 1147 أن يتمسك بمقتضيات الأحكام السابقة.
الفصل 1142
للكفيل أن يرجع على الدائن، من أجل إبراء ذمته من الدين، بمجرد تأخره عن المطالبة به، بعد أن يصبح مستحق الأداء.
الفصل 1143
للكفيل الذي يقضي الالتزام الأصلي قضاء صحيحا حق الرجوع على المدين بكل ما دفعه عنه، ولو كانت الكفالة قد أعطيت بغير علمه، وله حق الرجوع عليه أيضا من أجل المصروفات والخسائر التي كانت نتيجة طبيعية وضرورية للكفالة.
كل فعل يصدر عن الكفيل وليس وفاء بمعناه الحقيقي وإنما يترتب عليه انقضاء الالتزام الأصلي وبراءة ذمة المدين، يقع بمثابة الوفاء، ويعطى الكفيل حق الرجوع من أجل أصل الدين والمصروفات المتعلقة به.
الفصل 1144
ليس للكفيل الذي أدى الدين حق الرجوع على المدين الأصلي، إلا إذا أمكنه أن يقدم توصيلا من الدائن، أو أي حجة أخرى تثبت انقضاء الدين.
ليس للكفيل الذي أدى الدين قبل حلول الأجل حق الرجوع على المدين إلا بعد حلول أجل الالتزام الأصلي.
الفصل 1145
إذا تعدد الكفلاء المتضامنون ودفع أحدهم الدين كله عند حلول الأجل، كان له أن يرجع أيضا على الكفلاء الآخرين، كل بقدر حصته، وبقدر نصيبه في حصة المعسر منهم.
الفصل 1146
ليس للكفيل الذي يتصالح مع الدائن حق الرجوع على المدين والكفلاء الآخرين، إلا في حدود ما أداه حقيقة، أو قيمة ما أداه إن كان من المقومات.
الفصل 1147
الكفيل الذي وفى الدين وفاء صحيحا يحل محل الدائن في حقوقه وامتيازاته ضد المدين في حدود كل ما دفعه، وضد الكفلاء الآخرين في حدود حصة كل منهم. غير أن هذا الحلول لا يغير في شيء الاتفاقات الخاصة المعقودة بين المدين الأصلي وبين الكفيل.
الفصل 1148
ليس للكفيل أن يرجع على المدين:
أولا: إذا كان الدين الذي أداه يتعلق به شخصيا، وإنما جعل باسم غيره في الظاهر؛
ثانيا: إذا كانت الكفالة قد أعطيت برغم نهي المدين عنها؛
ثالثا: إذا ظهر من تعبير الكفيل الصريح، أو من الظروف، أن الكفالة قد أعطيت على سبيل التبرع.
الفصل 1149
ليس للكفيل أي رجوع على المدين الأصلي إذا دفع الدين، أو ترك القضاء يحكم به عليه نهائيا، ثم أثبت المدين أنه دفع الدين بالفعل، أو أن لديه من الوسائل ما يستطيع به إثبات بطلانه أو انقضائه. غير أن هذا الحكم لا يسري إذا كان قد تعذر على الكفيل إخطار المدين، كما لو كان هذا الأخير غائبا مثلا.



[1] - وردت في النص الفرنسي عبارة " d'insolvabilité déclaré"  "إشهار إعسار" بدل "إشهار إفلاس" كما جاء في الترجمة العربية.
[2]  -إن عبارة "وفاة المدين تؤدي إلى حلول أجل الدين بالنسبة إلى تركته" يمكن اعتبارها لاغية نظرا لإلغاء الفصل 140 من قانون الالتزامات العقود.
[3] - وردت في النص الفرنسي عبارة "déconfiture" "إعسار" بدل "إفلاس" كما جاء في الترجمة العربية.
في هذا الفصل يستعمل المشرع الإعسار بمعنى (insolvabilité) كما يستعمل الإعسار بمعنى (déconfiture).
انظر عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، ج 2، دار إحياء التراث العربي، بيروت،      ص 1209؛ الذي ميز بين الإعسار الفعلي (insolvabilité) والإعسار القانوني (déconfiture). فالإعسار الفعلي حالة واقعية (état de fait) تنشأ عن زيادة ديون المدين  - سواء كانت مستحقة الأداء أو غير مستحقة ما دامت محققة الوجود – على حقوقه. أما الإعسار القانوني فحالة قانونية (état de droit) تنشأ من زيادة ديون المدين المستحقة الأداء على حقوقه، ولابد من شهرها بموجب حكم قضائي يجعل المدين في حالة إعسار (état de déconfiture).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق